علامات الإرهاق والتعب عل وجهها
تشعر القارئة نهاد بانحطاط دائم، بتعب، بإرهاق، فتوّجهت الى معدّة هذه الزاوية الإختصاصية في علم الأحياء السيدة باسكال هبر بجاني، لعلّها ترشدها الى حلّ يعيد اليها نشاطاً مفقوداً وحباً بالحياة كأنه نَضُب. فماذا عند الأخيرة من نصائح؟ في هذا التحقيق تفاصيل وافية للخروج من عتمة الكسل الى نور الشمس الذي يُضيء الطريق نحو الحياة…
***
اعداد: باسكال هبر بجاني
– من نهاد ش (الأردن): تقول أنها دائماً مرهقة متعبة وأنها لا تنفك تقع بالأخطاء.. هل لذلك حلول؟
ج: عزيزتي نهاد، عودي بذاكرتك الى الوراء قليلاً، الى بضعة أشهر خَلَت، ثم حاولي أن تتذكّري آخر مرة شعرت ِفيها بالراحة والإسترخاء. لا أعني بـ “الراحة” مجرّد المثابرة على أداء الواجبات اليومية في المنزل ومكان العمل، وانما المقصود بها هو النشاط وتألّق العينين وتدفّق الطاقة التي لا تعرف حدوداً ولا قيوداً، مواجهة تكاليف الحياة اليومية بقوة وجَلَد ومن ثمّ ازدراء التعب والإرهاق! أغلب الظن أنك لن تتذكري مرور مثل هذه اللحظات عليك منذ أسابيع أو أشهر.
ثم أنك قد تلاحظين حولك نساء وفتيات، لهنّ مثل مشاغلك اليومية ولكنهن، مع ذلك، لا يبدو عليهن أي أثر للتعب أبداً!
إن حسدك للنشيطات دائماً، لن يُفيدك. فبدلاً من الحسد يفيدك أن تتعرفّي الى الأسباب الحقيقية وراء نشاط صديقاتك اللواتي “لا يعرفن التعب”. فأنت أمام أمرَيْن لا ثالث لهما: إما أن تمضي في تصريف أمورك اليومية على النحو الذي تعوّدت عليه، أو أن تتعهّدي بإحداث تغيير فوري على نمط حياتك.
ليس الأمر متعلّق بالصحة فحسب، وانما بتوجيه النشاط وجهةً تزول فيها أسباب التعثّر والكسل والمرض أيضاً، اذ أن الخبراء في هذه الأيام قد باتوا يعتقدون أنه اذ لم تكن هنالك أسباب طبية للإنحطاط والتعب، فإن السبب الحقيقي، في هذه الحالة، هو التمسّك بأنماط معيّنة من الحياة.
انه لمن حسن الطالع ان إدخال بعض التعديلات اليسيرة على طريق الإنسان (رجلاً كان أم إمرأة) في أداء أعماله اليومية، كفيل بمضاعفة النشاط. فكيف، اذاً، تستطيع المرأة قهر الشعور الدائم بالإنحطاط؟ والجواب: باستطاعتها، وتالياً، باستطاعتك تحقيق ذلك باتباعها واتباعك الوسائل الثماني الآتية:
1-اشربي الماء ثم اشربي واشربي: إبدئي صباحك بشرب كأس من الماء، ثم ثابري على شربه طوال نهارك. لأن الإكثار من شرب الماء يمنع التجفاف، والجفاف (أي نقص سوائل الجسم) يؤدي الى تحفيض حجم الدم، وبالتالي تقليل مقدار ما يصل منه الى الدماغ. وحرمان الدماغ بهذا الشكل من غذائه التي يحملها الدم اليه، يُضعف كفاءته. وتكون النتيجة إحساساً بالإنهاك.
2- كفّي عن القلق، لسبب أو لغير سبب، ذلك أن القلق المتأصّل كفيل باستنزاف طاقة الإنسان، فهو أحد الأسباب الرئيسة للإنهاك والشعور بالإنحطاط. يُضاف الى ذلك أن القلق هو من أسباب البلبلة، وهو في أغلب الأحيان يحول دون اتخاذ القرارات والأحكام الصائبة.
والطريقة المثلى لمكافحة القلق هي تكمن في تخصيص نصف ساعة، مثلاً، لمراجعة أسبابه، والمراجعة المنطقية الصحيحة كفيلة بفتح عين الإنسان على حقائق جديدة خفية، وتقلّل أهمية المسائل التي أثارت مشاعر القلق في المقام الأول.
3– مارسي النشاط الجسماني الفعّال، اذ أن النشاط هو “العقار الأعجوبي” الكفيل بالقضاء على الإنهاك والتعب. والرياضة تؤدي الى “ايقاظ” الجملة العصبية برّمتها. ويقظة الأعصاب أمر مهم، لأن التعب ليس أكثر من حالة عارضة مثل النوم.
والرياضة المنتظمة يُمكن أن تؤدي الى تشغيل وتطوير أوعية دموية “نائمة” لا تؤدي أي وظيفة جسدية، وهذا من شأنه تنشيط الأنسجة وتحسين طريقة أدائها لوظائفها، كما أن الرياضة تضاعف قوة العضلات وتزيد من قابلية الإحتمال، وتسهّل عملية الإستغراق في نوم هادئ، فضلاً عن أنها تُسرّع عملية الإستقلاب.
ان مكافحة الإنحطاط تتمّ على جبهتَيْن: الوصول بتدفّق الأوكسيجين في الدم الى الحد الأقصى، في أثناء أداء الأعمال اليومية الروتينية، وذلك عن طريق القيام بحركات جسمانية كلما أمكن ذلك. وتحسين اللياقة الجسمانية تدريجياً. وكلما ازداد نشاط تحسين نشاط الإنسان وقوة اندفاعه، تضاعفت طاقته تبعاً لذلك.
4-تحرري من الخمول والسكون: ان ابقاء الجسم ثابتاً عند وضع واحد لفترة طويلة، كما يحدث عندما يمضي الإنسان ساعات طويلة محدّقاً في شاشة الكومبيوتر أو التلفزيون، هذا الوضع يستنزف طاقة الإنسان. كذلك فإن ابقاء العينَيْن ملتصقَتَيْن لفترة طويلة بالشاشة الصغيرة يُسبب تقلّص العضلات، فلا يعود ارتخاؤها سهلاً، وهذا الوضع يؤدي الى إحساس بالتعب. ولمنع الأضرار الناجمة عن اتخاذ وضع كهذا، عليك أن تجلسي منتصبة أمام شاشة الكومبيوتر والتلفزيون. انهضي من مجلسك، بين وقت وآخر، وحرّكي قدميك بالسير لمدة بضع دقائق، وابعدي نظرك عن الشاشة كل بضع دقائق.
5-نامي نوعاً مريحاً، لأن النوم المتعب يسبّب الإنحطاط، ولكنه انحطاط يَسهل علاجه. فالنائم، مثلاً، يكون عرضة للنوم المتقطّع، اذا كانت غرفة نومه شديدة الحرارة. ولمعالجة هذه الحالة، افتحي نوافذ الغرفة وخفّضي درجة حرارة المكيّف.
ولكن احذري الزمهرير. فاذا كانت الغرفة شديدة البرودة، فان البرد يُغري النائم بالتكوّر. وتكديس الحرامات الثقيلة لا يفيد في منع البرد، لأن طبقة فوق طبقة من الحرامات يُسبب خروج الهواء العازل. ويكفي استعمال حرامين جيدين من الصوف.
كذلك، فإن الضجيج المتقطع يُمكن أن يحرم الإنسان من النوم المريح (أكثر ممّا يفعله الضجيج المتصل).
6-عندما يحين موعد العادة الشهرية، فثلاثة أرباع النساء يُعانين “متلازمة سابق الحيض” PMS . يُمكن تخفيف أعراض آلام العادة الشهرية، بالإمتناع عن مسبّبات الشدة والتوتر: تخفيض الكافيين وتحديد الملح والسكر، وتناول الفحمائيات المركّبة وتنظيم مواعيد الأكل.
يُقال إن عقار Prozak ، وهو من أحدث العقاقير، يُمكن أن يفعل الأعاجيب في مكافحة التعب والكآبة المرافقين لحالة سابق الحيض. ولكن هناك من الخبراء من يَشكّ في صحة هذا القول، ويُحذرون جميع النساء من آثار هذا العقار القويّ المفعول، الا إذا كانت أعراض سابق الحيض من القوة بحيث تشلّ حركة المرأة.
ربما يجوز القول ان اليرقان الذي يُمكن أن يمنع الإنحطاط الناشء عن سابق الحيض، هو الرياضة، كما يقول بعض الخبراء. مارسي رياضة المشي السريع، فانها كفيلة بإحداث نتائج مدهشة.
7-راجعي موجودات صيدليتك المنزلية: وتحرّي عن مفعول أنواع عدة من العقاقير الموجودة في خزانة أدويتك، فانك ستعثرين على الكثير من هذه العقاقير التي تقوي البطاقات الطبية المرفقة بها انها تسبب النعاس والخمول.
ان أكثر العقاقير احتمالاً بأن تسبّب الشعور بالتعب، هي مضادات الإكتئاب والقلق، مثل الفاليوم و Librium ومضادات الهيستامين وعقاقير ضغط الدم. فإذا أصيبت بالخمول في أثناء تعاطيك أحد العقاقير الطبية، ولم يكن لهذا الإنحطاط علاقة بالمرض ذاته، فراجعي طبيبك لعلّه يستطيع تغيير الدواء أو تبديل جرعته.
8-لا تبخلي على جسمك بالطاقة: يعجز الإنسان عن أداء واجباته اليومية، اذا كان يحترم نفسه من “الوقود” اللازم لذلك. وهذا الوقود هو الطعام الذي يأكله الإنسان، لأن الجسم يحرقه من أجل توليد الطاقة اللازمة لخلايا أجسامنا. والخلايا من هذه الناحية تشبه الأفران الإستقلابية الدقيقة. ولكن لا بدّ من تذكّر ناحية مهمة: أن التهام وجبة ثقيلة يحتّم تحويل قسم من الدم وما يحمله من أوكسيجين، من الدماغ الى المعدة. وهذا التحويل يسبب شعوراً بالتثاقل والإنحطاط.
ان الجسم في حاجة الى عدد من المواد والمعادن لكي يتمكّن من أداء وظائفه على الوجه الأكمل. ولكنه يحتاج بوجه خاص الى:
الحديد، الذي يتولّى حمل الأوكسيجين الى الخلايا. وخير مصادر الحديد: اللحم الأحمر، الدواجن، السمك. وفيتامين (سي) يساعد الجسم على امتصاص الحديد، أما القهوة والشاي فيعرقلان حركته. تجنّبي تعاطي أقراص الحديد، الا عندما يقول لك طبيبك أنك تعاني فقر الدم.
-السيلينيوم، الذي يُمكن أن يُكافح الإنحطاط والكآبة وخير مصادره: الجوز (المحتفظ بقشرته) تناولي جوزة في اليوم، فلن تعدمي كفاية جسمك من هذا المعدن.
–فيتامين-ب، الذي يساعد على استقطاب الفحمائيات (السكريات) والدسم وتحويلها الى طاقة. وخير مصادره الحبوب الصحيحة والخضر واللحوم والفاصولياء والفول والمكسرات.
–البوتاسيوم، وهو يساعد الجسم على استخدام الطاقة التي تولّدها البروتينات والفحمائيات والدسم والصوديوم. يجب أن يظلّ البوتاسيوم في حالة من التوازن بالجسم. من مصادره: البندورة، البطاطا، القرع، الموز، البرتقال، وفاصولياء ليما.