أسعد ميرزا وعبدو الخوري في صورة مع الوزير بعد وصوله الى مبنى أكال
حركة فيها الكثير من البركة بين وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام وبين جمعية شركات الضمان ACAL برئاسة السيد أسعد ميرزا. وهذه الحركة ليست وليدة اليوم أو الأمس القريب، وانما منذ سنتَيْن عندما صدرت مراسيم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. ذلك أن وزارة الإقتصاد والتجارة هي القيّم على شركات الضمان في لبنان عبر هيئة الرقابة على شركات هذا القطاع والذي يشرف عليها حالياً شقيق الوزير كريم سلام بتكليف منه، لخلوّ المنصب بمدير أصيل بعد استقالة المدير السابق ايلي معلوف الذي لم يستمر طويلاً في هذا المنصب.
وتجسّدت هذه الحركة بشكل خاص هذا اليوم الخميس 7 ديسمبر 2023 ، انطلاقاً من الزيارة التي قام بها الوزير سلام الى مقرّ ACAL وتحدّث خلالها مع أصحاب أو مدراء الشركات المسجّلة في هذه الجمعية. وتلا اللقاء الذي تمّ في قاعة المحاضرات، حفل غذاء على شرفه، شارك فيها أعضاء مجلس إدارة ACAL وأصحاب شركات وصحفيين يهتمون بالشأن التأميني بشكل عام، وليس بالإقتصاد ككلّ، كما أبلغ الينا أمين عام الجمعية السيد جميل حرب، وكما كان سائداً قبلاً، علماً أن هذا اللقاء السنوي مع الصحافة توقّف منذ أربع أو خمس سنوت تحديداً منذ جائحة كورونا.

ولحسن الصدف أن الوزير وصل الى ACAL بعد لقاء له مطوّل مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وكان الموضوع الرئيس في هذا اللقاء هو عن قطاع التأمين ودوره و”الفبركات” التي “ينسجها” البعض عنه، حسب كلام الوزير في الكلمة التي ألقاها والتي ذكر فيها أنه وضع الرئيس ميقاتي بالصورة الحقيقية لهذه “الفبركات”، استناداً الى بيانات حملها معه وأطلعه عليها. من هنا كانت كلمته في قاعة المؤتمرات بمبنى جمعية شركات الضمان مهمة صريحة وشفافة عن شؤون قطاع التأمين وشجونه، ذلك أن بعض الشركات، وكما ذكر الوزير، لا تُعير أي اعتبار للقوانين ولا للتعاميم ولا للإنذارات، وكأنها “تعيش في عالم آخر لا ضوابط فيه ولا إجراءات ولا من يحزنون” كما قال.
طبعاً عند ACAL، وتحديداً رئيسها أسعد ميرزا والرئيس السابق للجمعية ايلي نسناس وغيرهما، الكثير من الأسئلة بحثاً عن أجوبة شافية لها، ومن ذلك: تطبيق التأمين الإلزامي ضد الأضرار المادية الناتجة عن الحوادث المرورية عن طريق إصدار التعاميم لهذا التطبيق، بعد مرور سنَتَيْن على إصدار هذا المرسوم الذي لم يُنفّذ، وكان يرأس المؤسسة الوطنية للضمان الإلزامي، آنذاك، الرئيس التنفيذي لـ “آروب” فاتح بكداش، قبل أن يتسلّم هذه المهمة السيد عبدو الخوري المدير العام لشركة uca. لكن، ومنذ تلك الأيام، لم تصدر التعاميم التطبيقية لهذا المرسوم لأسباب عدة كان منها اختلاف في وجهات النظر بين المؤسسة وبين لجنة الرقابة على شركات الضمان، اذ أن الأخيرة أرادت أن تشرف هي على تطبيق هذا المرسوم وتعاميمه، في حين أن المؤسسة أصرّت على أن تكون هي صاحبة القرار.

وما فهمناه من النقاشات التي دارت قبل وصول الوزير، هو أن ACAL لا ترغب أبداً في هذا التطبيق الإلزامي بسبب المضاربة التي يمكن أن تحصل بين الشركات لناحية تخفيض الأسعار الى 42 دولاراً لتأمينَيْن إلزاميَيْن، وهو مبلغ زهيد جداً بالنظر الى ارتفاع أسعار قطع السيارات. ومع أن هذا الموضوع لم يُثر في لقاء اليوم، الاّ أن الجو العام في ACAL يشير الى أنه بات بحكم المستبعد رغم إصرار الوزير عليه.
النقطة الثانية التي أُثيرت تتعلق بطيران الشرق الأوسط ولجوئها الى شركات في الخارج للتغطية، مع أن بعض الشركات اللبنانية الكبيرة قادرة على القيام بهذه المهمة، وهنا استفاض الوزير سلام في شرح ما يُقدم عليه قطاع التأمين الذي “يريده قطاعاً ناجحاً ومثمراً وخشبة خلاص لما يقلّ عن 600 أو 700 ألف عائلة تستفيد من التغطيات الإستشفائية وبإجراءات تسهيلية أقدمت عليها معظم شركات القطاع في تسديد الأقساط، انسجاماً مع الوضع الإجتماعي والإقتصادي السيء الذي يسود البلاد.
وكان هناك حديث عن توقّف احدى شركات الإعادة عن تسديد ما عليها لشركات التأمين التي تتعامل معها في مجال الإعادة ولها عندها أموال، بسبب تلكؤ القضاء في تحديد سبب انفجار الرابع من آب 2020. لكن أحدهم رفع الصوت وقال أن “أمور هذه الشركة ماشية مع شركات إعادة الإعادة، فلماذا لا تُسدّد ما عليها” وطلب بعض الأعضاء في الجمعية العمومية أن يتولى الوزير مجدداً التفاوض مع أركان تلك الشركة لتسديد ما عليها من مطالبات.

على أن الموضوع الأبرز الذي أُثير تعلّق بـ “الكاش” وعدم تمكّن الشركات من سحب أموالها المودعة في المصارف اللبنانية في ما هم ملتزمون التسديد لزبائنهم خصوصاً في فرع الحياة، وطالبوا الوزير سلام بالتدخل أيضاً مع وزارة المالية لحلّ هذه المعضلة الكبيرة، فكان جوابه أنه لا بد من إجتماع لتحديد الإقتراحات والتوجّه بها الى وزارة المالية لإجراء المقتضى.
وبالإجمال، يُمكن القول أن لقاء الوزير أمين سلام بأركان ACAL كان ناجحاً ومنتجاً وأظهره متعاطفاً جداً مع قطاع التأمين غير البعيد عنه من الناحية الأكاديمية والتقنية، إضافة الى أنه منذ تولّيه هذه الوزارة فتح قنوات إتصال مع أركان الجمعية بداية مع الرئيس السابق ايلي نسناس، ومن ثم مع الرئيس الحالي أسعد ميرزا. وتسهيلاً لمهمات الشركات، طالب بأن تتقدم الشركة التي ترغب بخدمة ما بطلب “إسترحام” اليه اذ أن له صلاحية البتّ بهذا الطلب وتأجيل موعد تسديده إذا كان متعلقاً بأمور مالية، لمدة شهر أو شهرين، كما فعل بموضوع تطبيق المعيار IFRS 17 الذي مدّد فترة تطبيقه 6 أشهر، أي حتى حزيران 2024 مع ترجيح أن يُصار الى تمديدها مرة ثانية، اذا رغبت الشركات بذلك، نتيجة الظروف الإقتصادية الصعبة في لبنان، وخصوصاً أن مشروع الميزانية للعام 2024 والذي لم يُقرّ بعد، يفرض ضرائب باهظة على المؤسسات، ومنها شركات التأمين، والبعض من هذه الشركات يجد صعوبة في التسديد بسبب الظروف المعلومة.

ثم صعد رئيس ACAL برفقة الوزير سلام الى الطابق الرابع حيث أُقيمت مأدبة غذاء على شرفه، كانت غنية بالمأكولات والأطايب.
تبقى إشارة الى أن رئيس جمعية الضمان في لبنان تُعيد في أيار المقبل إحياء Rendez Vous بيروت التأميني الذي أطلقه في العام 2004 الرئيس الأسبق لـ ACAL أبراهام ماتوسيان والذي لم يُعمّر الا لسنة واحدة بسبب وفاة ماتوسيان، وبالنظر الى الظروف التي أعقبت هذا اللقاء، ومنها اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحرب تموز والمشاكل الإقتصادية والسياسية التي عرفها لبنان واستمرت الى يومنا الحاضر، علماً أن تحديد موعد أيار لإنعقاد هذا الملتقى كان اختياراً مدروساً لأن مؤتمر العقبة الذي ينعقد مرة كل سنَتَيْن مؤجّل الى أيار 2025، مع الإشارة هنا الى أن لرئيس ACAL أسعد ميرزا خبرة كبيرة في إدارة هذا النوع من المؤتمرات، اذ يعود الفضل له في نجاح مؤتمر الـ Gaif الذي عُقد في بيروت عام 2016 من حيث الإتصالات والتنظيم والإدارة طبعاً تحت إشراف الإتحاد العام العربي للتأمين وكان أسعد ميرزا يومها رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان للمرة الثانية.










